منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عالمياً، أخذت مملكة البحرين خطوات استباقية لمواجهة هذه الجائحة على مختلف الأصعدة، وذلك بفضل التوجيهات السديدة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، حيث قدم فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، صورة مميزة لكيفية التعاطي مع تداعيات هذا الوباء العالمي وإدارة الأزمة بكل اقتدار، ما أسهم في التخفيف من الآثار السلبية لهذه الجائحة من الناحية الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

  • kenburns6

لقد حظيت المبادرات الرائدة والمتميزة التي قدمتها القيادة الحكيمة حفظها الله، بتقدير وإشادة واسعة على المستويين المحلي والدولي، والتي كان من أبرزها تخصيص حزمة مالية واقتصادية دعماً للمواطنين والقطاع الخاص بقيمة 11.4 مليار دولار، ودعم رواتب البحرينيين في القطاع الخاص حتى ديسمبر 2020، إضافة إلى الحملات الوطنية التي أطلقتها مؤسسات الدولة لتوفير المساعدات الاجتماعية الفورية للمواطنين والمقيمين، علاوة على تقديم الخدمات الطبية وتوفير اللقاح الآمن لفيروس كورونا والفحوصات بشكل مجاني للمواطنين والمقيمين.


جهود محافظة العاصمة في مكافحة انتشار فيروس كورونا:

استشعرت محافظة العاصمة مبكراً ضرورة مواكبة ودعم جهود فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، للتصدي لفيروس كورونا وتداعياته، وذلك عبر إطلاق عدة مبادرات للتخفيف من آثار الجائحة على المواطنين والمقيمين، والمساهمة في الحد من انتشار الفيروس، حيث كان لهذه الجهود الدور الفاعل في دعم الجهود الوطنية للتصدي للجائحة.

وتأتي المبادرات التي تبنتها محافظة العاصمة، استكمالاً لمسيرتها التي خطتها في السنوات الأخيرة، والتي وضعت الأهالي وتحسين حياتهم وبيئة معيشتهم على سلم أولوياتها، لإدراك المحافظة أن الفرد عماد هذه الأمة ومصدر قوتها وطاقتها، حيث تمحورت مبادرات ومشاريع المحافظة حول تحسين البنية التحتية، وترسيخ الشراكة المجتمعية، والحفاظ على الصحة والبيئة وتحسينها، والنهوض بالمحافظة اقتصادياً وعمرانياً واجتماعياً.

ويستعرض هذا التقرير المبادرات والمشاريع والبرامج التي أطلقتها محافظة العاصمة لمكافحة الجائحة، والتي حظيت بتفاعل كبير من قبل مختلف الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمتطوعين، الأمر الذي أبرز قيم التكافل والتعاون والتطوع لفعل الخير والحس العالي بالمسؤولية المجتمعية لدى مختلف فئات المجتمع، وعلى المستوى الداخلي للمحافظة، فقد كشفت هذه الأزمة عن التفاني لفعل الخير ومساعدة الناس لدى موظفي وموظفات المحافظة في شتى المجالات، عاكسين الصورة المشرفة لأبناء هذا الوطن الذين عرفوا بتلاحمهم وإخلاصهم في مختلف الظروف والأوقات.


أولاً: توفير الإعانات الغذائية للمواطنين والمقيمين

أطلقت محافظة العاصمة حملة "معاً نهتم" التي تهدف إلى تقديم المساعدة للمحتاجين من خلال توفير الوجبات والسلال الغذائية. ومنذ بداية وصول الجائحة الى مملكة البحرين، وجه معالي الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة محافظ محافظة العاصمة إلى توجيه هذه الحملة لدعم وإيصال المساعدات للمحتاجين من الأسر البحرينية والعمالة الوافدة لتخطي هذه الأوضاع الاستثنائية بأقل الخسائر الممكنة التي سببتها الجائحة.

وأخذت محافظة العاصمة زمام المبادرة بتوزيع الوجبات والسلال الغذائية على أهالي العاصمة والعمالة الوافدة، لتكون أول محافظة تقوم بهذه المبادرة، ففي الأول من شهر ابريل 2020 شرعت المحافظة في أعمال توزيع المساعدات الغذائية بالتعاون مع شرطة المجتمع بمديرية شرطة محافظة العاصمة، حيث تم توزيع 7782 سلة غذائية على أهالي المحافظة، لتصبح هذه المبادرة التعاونية نموذجاً ملهماً يعكس مبادئ الشراكة المجتمعية الفاعلة، كما تم تعميم المبادرة وتطبيقها في باقي المحافظات.

وبناءً على توجيهات سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، لإطلاق حملة (فينا خير) لدعم الأعمال الانسانية في ظل هذه الأزمة، قامت محافظة العاصمة بالتعاون مع مديرية شرطة محافظة العاصمة بتكثيف الجهود للقيام بأعمال توزيع وجبات الإفطار والسلال الغذائية مع بداية شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال فرق التطوع الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ونوادٍ واتحادات من عموم مناطق العاصمة، حيث بلغ إجمالي عدد وجبات إفطار صائم التي تم توزيعها في إطار الحملة  556,840 وجبة.

وبعد انتهاء الشهر الفضيل، واصلت المحافظة توزيع السلال الغذائية ضمن حملة "غذاؤك في بيتك" التي أتت استكمالاً للجهود السابقة، ليصل مجموع السلال الغذائية التي تم توزيعها على الأسر والمواطنين البحرينيين والمحتاجين والمتضررين من وباء كورونا 13,871 سلة.



ثانياً: التخفيف من كثافة العمالة في المباني وسط المنامة

استناداً إلى قرار اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، وتنفيذاً لتوجيهات الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، قامت محافظة العاصمة بتشكيل 3 فرق عمل مشتركة بهدف تخفيف كثافة العمالة الأجنبية في مناطق سكنهم وسط المنامة، كإجراء احترازي ضمن الجهود الوطنية للحد من انتشار فيروس كورونا، وللتأكد من توافر إجراءات الصحة والأمن والسلامة في تلك المواقع، حيث تمثلت مهام فريقا (أ) و(ب) بالتفتيش الاعتيادي الدوري على المباني الواقعة في المنامة، فيما كانت مهام الفريق (ج) متابعة شكاوى الأهالي المتعلقة بالتكدس في المباني. وشملت الفرق الجهات التالية: أمانة العاصمة، ووزارة الصحة، وهيئة الكهرباء والماء، ومديرية شرطة محافظة العاصمة.

وفي ظل تمركز نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية في مختلف مناطق محافظة العاصمة، وبشكل خاص في مدينة المنامة، إذ يبلغ عددها نحو 69 ألف شخص يتوزعون على 5 مجمعات سكنية، فقد شرعت الفرق المشكلة بقيادة محافظة العاصمة بتنفيذ زيارات ميدانية فورية للتفتيش على المباني الواقعة في وسط المنامة والعمل على تعديل أوضاعها في أسرع وقت، حيث تمثلت أبرز المخالفات المرصودة في تكدس أعداد كبيرة من العمال في غرف ضيقة تفتقد لأدنى اشتراطات الصحة والأمن والسلامة، إضافة إلى أن التوصيلات الكهربائية غير آمنة، كما لاحظت الفرق خلال زياراته الميدانية للمباني وجود تكدس داخل عدد من الشقق رغم وجود شقق أخرى خالية بالمبنى، حيث تم التنسيق مع ملاك المباني لتوزيع العمال على تلك الشقق بغرض تخفيف الكثافة الموجودة.

كما تواصلت محافظة العاصمة مع الشركات الكبرى التي يقطن عمالتها وسط المنامة، وذلك لإيجاد سكن بديل لهم في مناطق أخرى بغرض تخفيف الكثافة في المباني التي يسكنونها.

وتعد هذه الحملة الأكبر على مستوى مملكة البحرين، حيث أثمرت جهود فرق العمل المشتركة، حتى تاريخ إعداد التقرير، في تخفيف التكدس في المباني المخالفة المرصودة، حيث نجحت الفرق في تخفيض عدد العمالة بواقع 14888 عامل، أي ما نسبته نحو 74% من الهدف الإجمالي الذي تسعى محافظة العاصمة لتحقيقه والبالغ نحو 20 ألف عامل.

ويواصل الفريق المشترك القيام بالزيارات ميدانية بشكل يومي للانتهاء من تصحيح أوضاع المباني المخالفة للاشتراطات، والتأكد من عدم عودة المباني التي تم رصد مخالفات فيها إلى التجاوزات السابقة، بما يسهم في الحد من نشر العدوى بين القاطنين في السكن الجماعي المشترك.


ثالثاً: إنشاء مقرات للإيواء  

تنفيذاً لتوجيهات الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، بشأن تخفيف كثافة العمالة الوافدة في مناطق سكنهم، كإجراء احترازي ضمن الجهود الوطنية للحد من انتشار فيروس كورونا، قامت محافظة العاصمة بتجهيز مقرات لإيواء العمالة الوافدة، حيث دشنت المحافظة المقر الأول على أرض متنزه عين عذاري، وأقيم المقر الثاني في منطقة أبو غزال. 

وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة محافظة العاصمة لتخفيف كثافة العمالة الوافدة بمناطق سكنهم، وضمان تحقيق عملية الإيواء، وفق إجراءات احترازية محكمة، مع التأكد من توفير كافة سبل الراحة خلال فترة إقامتهم بالمقر المؤقت بجانب توفير كافة التجهيزات والاحتياجات، واتخاذ التدابير الصحية الوقائية بما يضمن سلامتهم. وتم تغطية تكاليف إنشاء المقرين من خلال الدعم المادي من قبل شركات القطاع الخاص والداعمين.

كما تمكنت محافظة العاصمة، بالتعاون مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص وعدد من التجار من توفير مبانٍ للإيواء بمختلف مناطق المحافظة، بإجمالي طاقة استيعابية تقدر بـ 2089 شخص، وهي: مبنى غرفة تجارة وصناعة البحرين القديم، وبناية حلويات جمال شويطر في القفول، وفندق روزانا، وجمعية التجديد الثقافية الاجتماعية إضافة إلى مبنى السيد سعيد آل نوح.



رابعاً: تعقيم المواقع الحيوية والشوارع والطرق الرئيسية

أطلقت محافظة العاصمة حملة لتعقيم المواقع الحيوية والشوارع الرئيسية بمختلف المناطق بالشراكة مع مديرية شرطة محافظة العاصمة، والإدارة العامة للدفاع المدني، وعدد من الجهات الداعمة، بمشاركة فاعلة من 50 متطوعاً تم تدريبهم من قبل الدفاع المدني للمساهمة في أعمال التعقيم، إذ كان لجهودهم دور بارز في إنجاح المبادرة التي شملت تعقيم منطقة سوق المنامة وتحديداً باب البحرين، ومناطق النعيم، وأم الحصم، والزنج، والقضيبية، والجفير ومجمع 338.


خامساً: مستلزمات مكافحة الجائحة

حرصت محافظة العاصمة على توزيع الكمامات الوجه والمعقمات على الأهالي في ظل تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا، حيث قامت بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بتوزيع مستلزمات مكافحة الجائحة على المحتاجين من المواطنين والمقيمين. 


سادساً: تفعيل الاجراءات الاحترازية في المناسبات الدينية 

شكلت محافظة العاصمة لجنة لمتابعة الإجراءات الاحترازية ومدى تطبيقها في المناسبات الدينية، حيث قامت اللجنة بتوعية عدد من رؤساء المآتم والحسينيات، كما قامت بالتواصل المباشر مع كافة رؤساء المآتم في المحافظة لحثهم على الالتزام بالإجراءات الصحية والاحترازية، وتمت متابعة المآتم للتأكد من التزامها بالإجراءات الصحية الاحترازية لضمان عدم وجود مخالفات.

ومن ناحية أخرى نسقت المحافظة لنشر مقابلات صحفية لمجموعة من كبار علماء الدين المؤثرين لإيصال رسالة للأهالي عن أهمية اتباع الإجراءات الاحترازية وحرمة الإضرار بالنفس والآخرين.


سابعاً: التفتيش على الصالونات ومحلات الحلاقة وتوزيع منشورات توعوية

نظمت محافظة العاصمة بالتعاون مع وزارة الصحة والإدارة العامة للدفاع المدني ومجموعة من المتطوعين في يونيو 2020، حملة للتفتيش على الصالونات ومحلات الحلاقة الرجالية والنسائية في عدد من مناطق العاصمة، وذلك للتأكد من تنفيذها لاشتراطات وإجراءات الصحة والسلامة ضمن الجهود المبذولة للحد من انتشار فيروس كورونا، حيث بلغ عدد المحلات التي تم تفتيشها 400 صالون، كما تم خلال الحملة توزيع نشرات توعوية وإرشادات صحية بعدة لغات على مرتادي المحلات والمارة.

وقد بلغ عدد المتطوعين المشاركين في الحملة 121 متطوعاً من الجنسين، حيث نظمت محافظة العاصمة لهم دورة عمل إرشادية بالتعاون مع وزارة الصحة بهدف تدريبهم على القيام بحملات تفتيشية لتقييم الوضع الصحي في الصالونات ومحلات الحلاقة والتجميل الرجالية والنسائية، وللتأكد من عدم الإخلال بالاشتراطات والإجراءات الصحية فيها.


ثامناً: تفعيل الشراكة المجتمعية مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني

أ‌.القطاع الخاص:

قامت محافظة العاصمة بالتواصل مع شركائها الاستراتيجيين وشركات القطاع الخاص والأهالي، وذلك لتوفير الدعم المادي اللازم لمواجهة هذه الجائحة، حيث بلغ مجموع المبالغ التي تم جمعها لدعم جهود المحافظة في مكافحة الجائحة نحو 312 ألف دينار، تم توجيه صرفها لتخفيف تبعات الوباء على المواطنين والمقيمين، حيث تم تجهيز مخيمات ومقرات لإيواء العمالة الأجنبية، وتوزيع الوجبات والسلال الغذائية على الأهالي، والحواسب الآلية على الأسر المحتاجة، وتعقيم الطرق والشوارع الرئيسية، إضافة إلى تغطية تكاليف أخرى لتخفيف أثر الجائحة على الأهالي.


ب‌.منظمات المجتمع المدني 

كان لمنظمات المجتمع المدني والجمعيات دور بارز في دعم المبادرات التي أطلقتها محافظة العاصمة منذ الأيام الأولى لانتشار الجائحة، حيث ساهم المتطوعون من هذه المنظمات في مساندة فريق عمل المحافظة الميداني في أعمال توزيع الوجبات والسلال الغذائية، وتعقيم الطرق والشوارع، إضافة إلى المساعدة في حملات توعية الجاليات الأجنبية والعمالة الوافدة من خلال الترجمة وتوزيع المنشورات.

 

ت‌.السفارات

تعاونت محافظة العاصمة مع عدد من السفارات في المملكة بهدف المساعدة في إيصال الاحتياجات الغذائية الأساسية إلى جالياتهم، والتي تضررت من الجائحة بفقدانهم لأعمالهم، وهي سفارات كل من: فلسطين، وإندونيسيا، والهند، ونيبال، والفلبين، وسيرلانكا، ومصر، وباكستان، وتايلند.


تاسعاً: توفير الدعم النفسي للمجتمع

دشن معالي المحافظ، حملة "لأنك مهم" للدعم النفسي خلال جائحة فيروس كورونا بالتعاون مع نخبة من المختصين في مجالات علم النفس والرعاية العاطفية والاجتماعية والمهارات الحياتية، ومجموعة من الشركات والمؤسسات الداعمة، وذلك خلال حفل أقيم عن بعد عبر تقنية الاتصال المرئي، بحضور عدد من المختصين والخبراء في هذا المجال والقائمين على الحملة.

وهدفت الحملة إلى العناية بالسلامة النفسية للمواطنين والمقيمين، وتعزيز قدرتهم على الصمود خلال الأزمات وحالات الضعف، ومنها جائحة فيروس كورونا، التي كانت لها تداعيات كبيرة على المجتمعات في أنحاء العالم، مما احتاج معه لتكاتف الجهود لبناء الوعي اللازم والاستعداد لمستقبل ما بعد الجائحة.



آخر تحديث 27 يونيو 2021م